انتبه من عالم مزود بالوقود من الذكاء الاصطناعي
آندرو سيمز (Andew Simms)
أحد أكبر التأثيرات المحتملة للذكاء الاصطناعي في الغالب مهمشة؛ وبدلا من العالم التكنولوجي اليوتوبي أو نهاية العالم اللذين يُسوَّق لهما، سيقوم الذكاء الاصطناعي بتعزيز الوضع الراهن أو تعميقه، وذلك من خلال تكثيف التجارة المعتادة بزيادة القوة الشرائية وعدم المساواة. ويعد ذلك أمرا مقلقا بالنسبة إلى العلماء.
“علماء للمسؤولية العالمية”، مجموعة من العلماء والمهندسين الذين أعمل معهم، قاموا بدراسة استقصائية للسبعمئة وخمسين عضوا عن أثر الذكاء الاصطناعي في المستقبل، تسعة من عشرة مستجيبين اعتقدوا أن الذكاء الاصطناعي سيقدم قوة وفوائد اقتصادية إلى الشركات بدلا من المواطنين، ثمانية من عشرة اعتقدوا أن الذكاء الاصطناعي سيقود إلى مستقبل ديستوبي بدلا من يوتوبي أو حتى ثابت.
مارك كارني، مدير بنك بريطانيا، قال مؤخرا إن الذكاء الاصطناعي جزء من الثورة الصناعية الرابعة، والذي لن يرجح كفة القوى بعيدا عن العمال ذوي الأجر المنخفض وإلى الملاك أصحاب رؤوس الأموال فحسب، ولكنه “سيزيد الإنتاجية والمؤونة بغزارة”. وبعبارة أخرى، إن الذكاء الاصطناعي سيرفع من إنتاج كمية الأشياء بعدد قليل من الناس، ومن ثمّ سيزيد من الاستهلاك الفائض ومستويات البطالة.
التنبؤات التي تبين كيف سيؤثر الذكاء الاصطناعي في العمل تقترح أن ما بين 35 إلى 50 في المئة من الأعمال ستكون في حالة خطر، وذلك بحسب جامعة أكسفورد وبنك بريطانيا، الأرباح من هذه التغيرات ستتجه إلى المؤسسات وأصحابها بدلا من القوة العاملة، وبذلك تُعمِّق من عدم المساواة وتفاقم من انخفاض الأجور بالمقارنة مع الثراء العالمي المشهود على العشرين سنة الماضية.
أصوات الإنذار للعالم الديستوبي بدأت بالاشتعال، فهناك مخاوف من تطوير الأسلحة التي تقرر بذاتها من تقتل، ما يطلق عليها الروبوتات القاتلة، ومن مخاوف لكيفية توجه الذكاء الاصطناعي إلى مضاعفة مراقبة المجتمع، حيث سيكون كل ما تقوم به متابعاً ومسجلاً، وكذلك فإن الذكاء الاصطناعي مستخدم في تكثيف استنزاف الموارد البيئية. والصناعة النفطية المتورطة ترى أن الذكاء الاصطناعي “عطيةٌ من الله”، كما تذكر مجلة ريادية في الصناعة، وهي الآن تستخدم التقنية للمساعدة على البحث عن أماكن أخرى.
لقد توصل تقرير خاص بالأمم المتحدة في اجتماع عُقد بهدف الوصول إلى طقس 1.5 درجة مئوية إلى أن تغيرات سريعة وبعيدة المدى وغير مسبوقة مطلوبة عبر المجتمع كله، وكانت أهم الأولويات والاستهلاك المنخفض للمادة والطاقة، وهذا يناقض استخدام الذكاء الاصطناعي للبحث عن طاقة أحفورية أكثر.
ولكن التأثير الأسوأ سيحدث إذا تركناه ليحدث، أنا وزملائي نطالب بأن 20% من الدعم البحثي في الذكاء الاصطناعي أن يتوجه إلى تقييم الفوائد المرتقبة والأضرار، حتى نتمكن من القيام باختيارات مدعمة علميا، فالتكنولوجيا ليست غاية، ولا يجب علينا القيام بالشيء لمجرد أننا قادرون على القيام به.
(c) 2018 New Scientist Ltd.
Distributed by Tribune Content Agency, LLC