أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
اخترنا لكالأدلة الجنائيةتعلم الآلةذكاء اصطناعيعلم الاجتماع

حصريا: الشرطة البريطانية ترغب باستخدام الذكاء الاصطناعي في منع جرائم العنف قبل وقوعها

هل يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بالجرائم؟

بقلم: كريس بارانيوك Chris Baraniuk

ترجمة: آية علي

كشفت مجلة نيوساينتست رغبة الشرطة البريطانية استخدام الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بجرائم العنف الخطيرة. وفحوى هذه الفكرة هو عرض تدخلات، كالاستشارات على الأشخاص الذين يُحدِّدهم النظام، وذلك من أجل تفادي السلوك الإجرامي المحتمل.

ولكن واحدا من أعظم المعاهد الرائدة في البيانات العلمية حول العالم قد أعرب عن مخاوفة الكبيرة بشأن المشروع، وذلك في أعقاب رؤيته لنسخة منقّحة من المفترح.

ويستخدم النظام المسمّى الحل الوطني لتحليلات البيانات National Data Analytics Solution (NDAS)، مزيجا من الذكاء الاصطناعي والإحصائيات لتقييم خطورة ارتكاب شخص ما لجريمة باستخدام سكين أو سلاح ناري، أو وقوعه ضحية لجريمة من هذا النوع، وكذلك احتمال وقوعه ضحية للعبودية الحديثة.

وتقود شرطة منطقة ويست مِدلاندز West Midlands Police هذا المشروع، وأمامها حتى شهر مارس من عام 2019 لإنتاج نموذج أولي للنظام. ويشارك أيضا في هذا المشروع ثمانٍ من قوات الشرطة الأخرى، بما في ذلك دائرة شرطة العاصمة لندن وشرطة مانشستر الكبرى. ويجري تصميم النظام NDAS بحيث يمكن لجميع قوات الشرطة في المملكة المتحدة استخدامه في نهاية الأمر.

على مدى الأعوام الأخيرة خُفِّض تمويل الشرطة تخفيضات كبيرة، لذا تجد القوات نفسها بحاجة إلى نظام يستطيع النظر إلى جميع الأفراد المعروفين بالفعل لدى الضباط، بهدف إعطاء أولويّة لأولئك الذين يكونون في أَمسِّ الحاجة إلى تدخّلات عاجلة، وذلك على حدّ تعبير ايان دونيلي Iain Donnelly، مسؤول الشرطة الذي يقود المشروع.

الاستشارة الوقائية

أمّا بالنسبة إلى ما سيحدث بالضبط عند التعرف على مثل هؤلاء الأفراد، فالأمر لا يزال مسألة نقاش كما يقول دونيلي، إذ إنّ النيّة ليست إلقاء القبض على أي أحد بشكل استباقي، بل تقديم الدعم إليهم من خلال العاملين في المجال الصحي أو الاجتماعي. ومن الأمثلة على ذلك، تقديم المشورة لأي فرد ذي تاريخ طبي من معاناة المشكلات النفسية والعقلية، ويُحذّر النظام NDAS من احتمال ارتكابه لجريمة عنف، كما يمكن الاتصال بالضحايا المحتملين عبر الخدمات الاجتماعيّة.

ويعدّ هذا المشروع الأوّل من نوعه في العالم، إذ يجمع مجموعات بيانات متعددة من عدد من قوات الشرطة من أجل التنبؤ بالجريمة، وذلك على حد تعبير دونيلي. وفي المراحل المبكرة للمشروع جمع الفريق أكثر من تيرابايت من البيانات من قواعد بيانات الشرطة المحلية والوطنية، بما في ذلك سجلات الأشخاص الذين يتم إيقافهم وتفتيشهم، وسجلات الجرائم المُرتكبة. ونتج من هذه البيانات التعرف على خمسة ملايين شخص.

وبالنظر إلى هذه البيانات، فقد وجد البرنامج ما يقرب من 1400 مؤشر قد يساعد على التنبؤ بالجرائم، بما في ذلك نحو 30 مؤشرا قويا على نحو خاص. وشملت هذه المؤشرات عدد الجرائم التي ارتكبها فرد بمساعدة آخرين، وعدد الجرائم التي ارتكبها أشخاص ضمن الدائرة الاجتماعية لذلك الفرد.

سوف يستخدم عنصر تعلم الآلة في النظام NDAS هذه المؤشرات للتنبؤ بأيٍّ من الأفراد المعروفين بالفعل لدى الشرطة هو على مسار عنفٍ مشابه لذلك الملحوظ في الحالات السابقة، ولكنّ لم يصعّد نشاطه بعد. ولكل من هؤلاء الأفراد ستحدد درجة مخاطرة تشير إلى مدي احتمال ارتكابهم لجرائم في المستقبل.

هل سينجح؟

تأمل شرطة وست ميدلاندز بتوليد أول توقعاتها باستخدام النظام NDAS في مطلع العام المقبل [2019]، وستعمل مع المسؤول عن الرقابة على البيانات في المملكة المتحدة، وهو مكتب مفوض المعلومات Information Commissioner’s Office، وذلك لضمان التزام النظام NDAS بلوائح الخصوصية.

ولكنّ بعض جوانب المشروع قد تعرضت للانتقادات، فقد رأى فريق في معهد آلان تورينغ Alan Turing Institute في لندن نسخة منقحة من المقترح الخاص بالنظام NDAS العام الماضي، وسينشر حُكمه بشأنه ضمن تقرير خلال هذا الأسبوع.

اطّلعت مجلة نيوساينتست على هذا التقرير، ووجدت فيه رأي الفريق الذي يقول إن هناك “مشكلات أخلاقية خطيرة” في النظام NDAS وكذلك تساؤلاته عمّا إذا كان التدخل على نحو استباقي عندما لا يكون الفرد قد ارتكب جريمة، أو عند وجود احتمال ارتكابها في المستقبل، يصب في المصلحة العامة. ويقول الباحثون إنّه على الرغم من كون المقترح أخلاقيا -بشكل عام- حسن النوايا، إلّا أنّه يفشل في التعرف على المسائل المُهمّة بالكامل؛ ممّا يجعل هذه التنبؤات غير الدقيقة مصدرا للقلق.

ويقول أندرو فيرغسون Andrew Ferguson من جامعة مقاطعة كولومبيا University of the District of Columbia إنه من خلال بناء التنبؤات على سجلات الاعتقالات السابقة، فإنّ الأدوات التحليلية قد تنتج منها خطورة حصر تحقيقات الشرطة ضمن مواقع مُحدّدة مُسبقا، كما أنّها قد تعزّز من التحيّز. ويضيف فيرغسون أنّ حدوث الاعتقالات يرتبط بأماكن تواجد الشرطة، لا أماكن حدوث الجريمة، الأمر الذي يميل نحو التأثير بشكل غير متناسب في الأشخاص الملوّنين وفي سكّان الأحياء الفقيرة.

ويقول مارتن إنيس Martin Innes، مدير معهد أبحاث الجريمة والأمن Crime and Security Research Institute في جامعة كارديف Cardiff University بالمملكة المتحدة، إنه “مُتشكك” بشأن قدرة النظام على التنبؤ بشكل موثوق به بالجرائم على المستوى الفردي. ويضيف إنيس أنّ الأداة قد تكون أكثر نفعا في تحديد المُجتمعات المُعرّضة للخطر بشكل عام.

وكانت شرطة وست ميدلاندز قد طلبت إلى إينيس وزملائه في وقت لاحق تقييم فعالية النظام NDAS بشكل مستقل.

وتقول ساندرا واشتر Sandra Wachter من معهد أكسفورد للإنترنت Oxford Internet Institute أنّ هناك صعوبة مُتأصّلة في مثل هذه الأنظمة، وتتمثل بمعرفة ما إذا كانت التنبؤات ستحقق في حال لم تتدخل الشرطة أو الخدمات الأخرى. وتضيف واشتر قائلة: “كيف لي أن أعرف أن هذا [النظام] يتخذ القرارات الصائبة بالفعل؟ هذا أمر يصعب قياسه للغاية.”

صعود الشرطة التنبؤية

يرتفع استخدام الشرطة للبيانات من أجل التنبؤ بالجريمة ارتفاعا متزايدا حول العالم. ومن ذلك محاولة النظام PredPol الذي جرى تطويره في جامعة سانتا كلارا Santa Clara University بكاليفورنيا التعرف على البُؤر التي ستنشط فيها الجريمة في المستقبل، ويُستخدم هذا النظام في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وتمتلك شرطة لوس أنجلوس أيضا برنامجا يُحدد درجة الخطر بناء على السِّمات، مثل ما إذا كانت عليهم أحكام سابقة أو كانوا أعضاء في عصابة ما، ويجري ضبط الدوريات على مراقبة الأشخاص “الأكثر خطورة” عن كثب.

تستخدم هولندا أداة برمجية أخرى لتحليل بيانات الجريمة، إضافة إلى البيانات الاجتماعية ضمن نطاقات محددة، مثل أعمار الأشخاص، وإيراداتهم، وهل يتلقّون إعانات أم لا. تُستخدم هذه الأداة للتنبؤ بأجزاء المدن التي يُحتمل أن تقع فيها أنواع معينة من الجرائم.

ولكن بعض التطبيقات قد تعرضت للشَّجب والاستنكار. ففي وقت سابق من هذا العام، انتقدت هيومن رايتس ووتش Human Rights Watch السلطات الصينية بتهمة استخدامها للشرطة التنبؤية بغرض الاحتجاز الوقائي للأشخاص في إقليم شينجيانغ Xinjiang.

© Copyright New Scientist Ltd.

المصدر
New Scientist
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

I agree to these terms.

زر الذهاب إلى الأعلى