أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
أمن المعلوماتالتعلم العميقالعملذكاء اصطناعي

إعادة التفكير في أهداف الذكاء الاصطناعي

استخدام الذكاء الاصطناعي لبناء حواسيب شبيهة بالبشر هدف قصير النظر

عندما يشعر العملاء بأنه لا أحد يستمع إليهم، فقد يكونون على حق. أو ربما أنهم لا يعرفون أنهم يكلمون آلة. كشفت غوغل في مايو عن دوبلكس Duplex وهو مساعد ذكاء اصطناعي (AI) يمكنه التعامل مع طلبات خدمة العملاء مثل حجز موعد أو توفير معلومات أساسية. وتوفر الهواتف الذكية مساعدين آليين منذ سنوات، ولكن الجديد في الأمر اليوم هو أن العملاء لا يعرفون أن المُجيب الآلي ليس بشراً.

سرعان ما أثار الإعلان عن طرح دوبلكس أسئلة بشأن الشفافية مثل: هل يتعين على الشركات أن تُفصح عن أن “الأشياء التي تبدو بشرية عبر الهاتف هي ليست كذلك؟”

بالطبع يجب فعل ذلك، (ودوبلكس سيفعل).

يبدو أن الاستثمار الضخم في التكنولوجيا لجعلها مخادعة بصورة متعمدة ينتمي إلى جملة الأفكار السيئة التي لا ينبغي علينا حتى مجرد التفكير فيها، مثل مولدات الزلازل أو الأبواب الخلفية المُرمَّزة. فما هي الفائدة التي يمكن جنيها من الخداع عند التعامل مع العملاء؟ وهل يستحق الإطراء الذي يحصل عليه مثل هذا الاختراع ما يمكن أن يثيره من ردود أفعال معاكسة للمراد؟

إن مجرد كوننا قادرين على فعل شيء ما لا يعني أن علينا ان نفعل ذلك.

دعونا نأخذ بالاعتبار فوائد تحقيق السبق في مجال التفاعل مع البوتات Bots:

  • احتمال زيادة رضا العملاء. على سبيل المثال، إذا عرف العملاء أنهم يتفاعلون مع جهاز حاسوب ولا يأخذون من وقت شخص آخر، فقد يقضون وقتًا أطول في تحديد واختيار ما يريدونه بالضبط. فقد أمضيتُ بالتأكيد وقتًا أطول بكثير في تفحص خيارات السفر على الإنترنت، مما كان يمكن أن أفعل مع وكيل سفر بشري. إن تحسين القدرة على تحديد الخيارات، يمكن أن يزيد رضا العملاء.
  • يمكن أن يحصل العملاء على معلومات أكثر. وعند التفاعل مع البشر الآخرين، يتردد الناس في طرح أسئلة قد يعتبرونها غبية أو مُكررة. فنحن قد نتردد في الاعتراف بأننا ما زلنا لم نفهم. ولكن عند التفاعل مع الآلات، لدينا الحرية للاستيضاح بقدر ما نرغب. ونظراً لأن استخدام التكنولوجيا يزيل القلق بشأن طول مدة الاتصال، فلا داعي للقلق بشأن استغلال وقت الآلة.
  • التفاعل قد يجعل العملاء أسرع. وتملي الأعراف الاجتماعية أن علينا أن نقوم أولاً بالتمهيد للمحادثة من خلال أحاديث لا صلة لها بالأمر مثل الاستفهام عن الأحوال والحديث عن الطقس. وما من شك في أن معظم المتصلين بخدمة العملاء لا يهتمون في الواقع بما إذا كنتُ “أمضي وقتاً جيداً في العمل في أول أيام الأسبوع.” وعندما نعلم أننا نتعامل مع آلة، يمكننا الدخول فوراً في الموضوع، وهذا يوفر الوقت على الجميع.
  • قد يجعل العملاء أكثر صدقاً. نحن نهتم بما يظنه به الآخرون بنا. ونتيجة لذلك، قد لا نكون صادقين تماماً عندما يختلف ما نفكر فيه عما نعتقد أن الشخص الآخر يريد سماعه – هذا يدخل ضمن الاستجابة الاجتماعية المُتحيِّزة Social desirability response bias. والأرجح أننا لن نقلق بشأن ما ستفكر فيه الآلة عنا مقارنة بالانطباع الذي نتركه لدى إنسان آخر.

السؤال المطروح بالتالي هو: لماذا تهتم الشركات بالخيار المخادع؟ فمثل الكلاب التي لا تعرف ماذا تفعل بعد أن تُطبق على السيارة التي كانت نبحت عليها وتطاردها؛ فقد طاردنا اختبار تورينغ Turing test  (الذي يختبر ما إذا كانت الآلة تستطيع محاكاة سلوك البشر الذكي) وها نحن لا نعرف ماذا علينا أن نفعل بعد أن أمسكنا به.

وبالنسبة إلى العلم، يبدو اجتياز اختبار تورينغ هدفاً منطقياً. ولكن من وجهة نظر الأعمال التجارية، فمن المرجح أن أهدافاً أخرى تبدو منطقية أكثر. وحتى إذا كان يمكن لأجهزة الحاسوب أن تتصرف مثل البشر، فقد يكون تقليد الإنسان هدفاً قصير النظر. فنحن لدينا بشر ولا نحتاج إلى أن نحشو مفردات هذه البوتات بعبارات مثل “همم” و”مم” و”آهه” و”أهم” التي تشكل جزءاً من أنماط الكلام العادي غير المثالي.

إن تقليد ونسخ ما يفعله البشر يضيِّع الفرصة لتحقيق المزيد.

فإذا لم يكن الهدف هو الحصول على “أشباه بشر”، فما الذي يجب أن تكون عليه هذه الأهداف؟ وفي هذا السياق، قد تكون:

  • استخدام الذكاء الاصطناعي AI للتعلم من مكالمات العملاء السابقة وتجنب نشوء الحاجة إلى الاتصال أساسا. وقد تُظهر أوامر تشفير Encoding الكلام وفك الشيفرة Decoding مرارا وتكرارا براعةً تكنولوجية رائعة، ولكنها قد تعني على الأرجح أن العميل لم يحصل على المعلومات التي يحتاج إليها من قنوات أخرى. قد يكون مُساعد الذكاء الاصطناعي غير مفيد ويعمل على أتمتة عمليات ما كان ينبغي أن توجد على الإطلاق. وقد يرتفع رضا العميل مع نظام مواعيد أوضح عبر الإنترنت يجنبه إجراء المكالمة في المقام الأول. وعوضاً عن ذلك، فإنه يمكن أن يكون التحليل المستمر لسجلات المكالمات باستخدام الذكاء الاصطناعي جزءاً من التحسين الشامل للعملية.
  • استخدام الذكاء الاصطناعي لمساعدة البشر أثناء المكالمة. ومن خلال تحليل محتوى الاتصال، يمكن للشركات استخدام تلك المعلومات لتحسين الأمن وتحسين الخدمة. وهذه جوانب تُنفّذ بشكل أفضل بواسطة الآلات منها بواسطة البشر.
  • استخدام الذكاء الاصطناعي لاستباق حجم المكالمات وتنظيم برنامج العمل. إن التظاهر بأن المُجيب بشري هو أبعد من أن يكون المحاولة الأولى لخداع الزبائن عبر خدمة العملاء. وبدلاً من ذلك، فنحن نسمع اليوم باستمرار عبارات مثل “اتصالك مهم جداً بالنسبة إلينا” ونحن ننتظر في الوقت الذي تولي فيه الشركة الاهتمام للاستخدام الأمثل لوقت الموظفين على حساب وقت العميل. وفي حين أن هذا قد يكون عقلانياً تماماً، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتوقع بصورة أفضل حجم المكالمات ويحسِّن كفاءة استخدام وقت الشركة والعملاء على حد سواء.

يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون أداة استثنائية لتحسين الأعمال التجارية وخدمة العملاء (على وجه التحديد). ولكن هناك طرقاً أفضل بكثير لاستخدام هذه التقنية من محاكاة البشر وخداع العملاء. وفي نهاية الأمر لا يزال من المفترض أن نكون نحن الأذكياء هنا.

نبذة عن الكاتب

سام رانسبوثام Sam Ransbotham  أستاذ مشارك في نظم المعلومات من كلية كارول للإدارة في بوسطن كوليدج Boston College  ومحرر زائر في إم. أي. تي سلون مانيجمنت رفيو MIT Sloan Management Review ضمن مبادرة الأفكار الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي واستراتيجية الأعمال Artificial Intelligence and Business Strategy Big Idea Initiative.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

I agree to these terms.

زر الذهاب إلى الأعلى