بقلم: ساندي أونغ
ترجمة: مي بورسلي
في طابق علوي، يجول شيءٌ ما في مركز تسوق مغلق شبه مظلم. ويتوقف أمام متجر لبيع الملابس، ويغمر واجهة المحل بضوء حارق. لا توجد أجراس إنذار ولا حراس أمن. فالروبوت “سن بيرست يو في” Sunburst UV Bot، مزود بتيار فوق بنفسجي UVC يعادل 1000 واط يمكنه “تمزيق خيوط الحمض النووي للفيروس”، فيمضي في عمله هنا كل ليلة، إضافة إلى عدد قليل من مراكز التسوق والمستشفيات الأخرى في سنغافورة. إنه يؤدي ما كان يقوم به العاملون البشر قبل جائحة كوفيد -19: التنظيف.
وهناك مشاهد مماثلة تحدث في جميع أنحاء العالم. ففي مستشفيات تكساس توصل الروبوت موكسي Moxi الأدويةَ وعيناتِ المختبر والإمداداتِ. ويفرض روبوت الحراسة بي غارد P Gurad حظر التجول في شوارع تونس. ويساعد البوت جيمس James المقيمين في دور الرعاية البلجيكية على البقاء على اتصال. وتنظف روبوتاتٌ أخرى أرضياتِ السوبر ماركت وتقدم وجبات الطعام للأشخاص في الحجر الصحي وحتى المساعدة على تمشية الكلب. وفي الوقت نفسه يساعد الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence (اختصارا: الذكاء الاصطناعي AI) في كل شيء بدءًا من تتبع جهات الاتصال وكسر الشيفرة الجينية للفيروس التاجي Coronavirus إلى الخدمات اللوجستية وتلبية حاجة العملاء في عالم تجاري متزايد عبر الإنترنت.
وهذا الاتجاه نحو الأتمتة والروبوتات ليس جديدًا، لكن كوفيد -19 (Covid-19) يُسرع تطبيقه. ويقول ريتشارد باك Richard Pak، من جامعة كليمسون Clemson University بولاية ساوث كارولينا: “ما فعلته هذه الجائحة هو جعل الناس على وعي أكبر بأهمية النظافة للصحة العامة والحاجة إلى التباعد. ففي هذه الأوقات توفر الروبوتات والأتمتة بالتأكيد ميزة من حيث السلامة”.
وربما هي أيضًا مشكلة كبيرة. فقد ارتفعت نسبة البطالة مع ضرب الفيروس التاجي للاقتصاد العالمي. ماذا يحدث إذا خرجنا من ركود كوفيد -19 ووجدنا أن الوظائف قد اختفت نهائيًا – مع عدم وجود خطة بديلة لإبقائنا موظفين مقابل أجر؟
وغالبًا ما يوصف نهوض الروبوتات والذكاء الاصطناعي AI بأنه جزء من “الثورة الصناعية الرابعة” Fourth Industrial Revolution، عقب التغييرات الثلاثة المماثلة على مدى القرون الثلاثة الماضية: الآلات العاملة بالفحم والبخار، والنفط والكهرباء، والحوسبة الرقمية (أنظر: أربع ثورات صناعية).
والكثيرون يهلّلون لوعد المركبات ذاتية القيادة والمساعدين الافتراضيين والابتكارات الأخرى الموفرة للعمالة. ومن الصعب الجدال مع التقنيات التي قد تمنحنا تدليكًا مخصصًا، أو توصي بعرض جيد على Netflix أو تسمح لنا بدفع قيمة سلع البقالة بضغطة واحدة على الهاتف. وخلال جائحة كوفيد -19 ساعدت هذه التقنيات على تقليل مخاطر الصحة العامة من خلال تمكين العديد من الأشخاص من العمل من المنزل، وحماية الإنتاجية مع السماح للشركات بالاستمرارية.
“ماذا يحدث إذا خرجنا من ركود كوفيد -19 ووجدنا أن الوظائف قد اختفت نهائيًا – مع عدم وجود خطة بديلة لإبقائنا موظفين مقابل أجر؟”
حتى قبل الجائحة كان الكثير من الناس قلقين من التداعيات طويلة المدى المحتملة للتوجه نحو الأتمتة وتأثيرها في الوظائف. ففي عام 2017 اقترح أحد التحليلات التي أجرتها شركة الاستشارات مكنزي وشركاه McKinsey & Company أن الأتمتة قد تحلُّ محلَّ ما يصل إلى 800 مليون وظيفة في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2030. وفي عام 2013 استخدم كارل فراي Carl Frey ومايكل أوزبورن Michael Osborne، من جامعة أكسفورد University of Oxford خوارزمية تعلم الآلة Machine learning Algorithm برصانة لتقييم مدى سهولة التمكن من أتمتة وظائف مختلفة. وخلصت الدراسة إلى أن الآلات ستكون قادرة على أداء 47% من جميع الوظائف الأمريكية في العقدين المقبلين، وهو رقم لا يزال ثابتًا نسبيًا في الوقت الحالي. “ففي المملكة المتحدة ، فإن التقديرات تبلغ 35%”، كما يقول فراي.
صار جدياً
في مواجهة الموظفين الخاضعين للحظر Lockdown والحاجة إلى إجراءات صارمة للتباعد الاجتماعي Social distancing في مكان العمل، سرّعت العديد من الشركات هذه التوجهات، إما من خلال اعتبار أتمتة أكثر من لأول مرة أو عن طريق تسريع وتوسيع الخطط الحالية.
ويقول ديريك بريدمور Derik Pridmore، الرئيس التنفيذي لشركة أوسارو Osaro، وهي شركة في سان فرانسيسكو تعمل على تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي AI لروبوتات المستودعات: “هناك مجال كبير جدًا للأتمتة حالياً…إذا كانت الشركات تفكر في ذلك من قبل، فإنها تفعل شيئًا الآن حيال ذلك. وإذا كانوا يفعلون شيئًا ما، فإنهم الآن يطبقونه بالفعل. ينتقل الجميع في جديتهم إلى مرحلة أعلى في الأتمتة”. ففي مارس2020 وجد استطلاع أجرته شركة التدقيق إيرنست أند يونغ Ernst & Young على نحو 2900 مدير تنفيذي في 46 دولة أن أكثر من ثلاثة أرباعهم يتخذون تدابير إما لتغيير أو إعادة تقييم سرعة عمليات الأتمتة.
تشمل الخطوات الملموسة مثل أمازون Amazon وولمارت Walmart وتجار التجزئة الكبار الآخرين نشرَ المزيدِ من الروبوتات لسحب البضائع وتعبئتها في مستودعاتهم، ويستخدم يوتيوب YouTube وتويتر Twitter المزيد من الآلات لإدارة المحتوى. وقد تضخم استخدام روبوت المحادثة Chatbot أيضًا: في مارس، كانت شركة باي بال PayPal تستخدم مثل هذا البرنامج للتعامل مع 65% من استفسارات العملاء المستندة إلى الرسائل. وذكرت شركة أي بي أم IBM أنها شهدت قفزة بنسبة 40% في الطلب من فبراير إلى أبريل على برنامج واتسون أسستانت Watson Assistant الذي تستخدمه شركات مثل متاجر التجزئة الأمريكية مايسي Macy’s وشركة تصنيع السيارات شيفروليه Chevrolet للتعامل مع المكالمات عبر الإنترنت.
ويقول بريدمور إن شركته “شهدت انتعاشًا كبيرًا في الاهتمام من كل منطقة، في كل تطبيق وقطاع” منذ أن بدأت الجائحة. ومن بين عملائه سلسلة بقالة في أستراليا وجدت أن الطلب قد تضاعف مع بدء المزيد من الناس الطهيَّ في المنزل، بدلاً من تناول الطعام بالخارج. وساعدت الشركة أوسارو على أتمتة عمليات تنفيذ الطلبات وتخزين الرفوف في الشركة للتعامل مع الطلب المتزايد.
ويوافق كريس دودريدج Chris Duddridge، العضو المنتدب في يوباث UiPath، التي تساعد منصات الذكاء الاصطناعي AI على أتمتة مراكز الاتصال في المملكة المتحدة والهند ودول أخرى، على هذا أيضا. ويقول: “لقد كانت الجائحة بالفعل عاملًا مسرعًا لاعتماد الأتمتة”. فقد أدت الروبوتات البرمجية دورًا أساسيًا في مساعدة عملاء شركته على التعامل مع “الأعمال المتراكمة الضخمة والكميات غير المسبوقة من الطلبات” خلال الأزمة، كما يقول.
يبدو أن القلق الذي يدور حول الأتمتة يتزايد بخطى ثابتة. كجزء من استطلاع حديث أجراه مركز إدارة التغيير Center for the Governance of Change بجامعة أي إي IE University في سيغوفيا بإسبانيا، سُئل ما يقرب من 2900 شخص من إحدى عشرة دولة عما إذا كان يتعين على حكوماتهم تقييد الأتمتة بموجب القانون من أجل توفير الوظائف ومنع البطالة التكنولوجية. وفي يناير كان 42% من المستجيبين في إسبانيا و27% في الصين – وهما دولتان تحملتا العبء الأكبر من الوباء – قد أجابوا بـ”نعم”. وبعد ثلاثة أشهر، مع تفاقم كوفيد-19، قفزت هذه الأرقام إلى 55 و54% على التوالي. وجزء من ذلك هو القلق الاقتصادي العام. ويقول فراي: “إذا نظرت تاريخيًا، فإن ما تراه غالبًا هو أن القلق من الأتمتة يميل إلى أن يكون سائدًا خاصةً خلال فترات الانكماش الاقتصادي. وفقدان وظيفة ما عندما يكون هناك وفرة بالوظائف ليس بهذا السوء، ولكن إذا فقدت وظيفتك في ظل الانكماش الاقتصادي، فمن المحتمل أنك ستعاني للعثور على وظيفة أخرى”.
ربما كان المثال الأكثر شهرة، والذي أبرزه فراي في كتابه الذي صدر في 2019 فخ التكنولوجيا The Technology Trap، هو اللوديين Luddites، الذين حطموا إطارات التخزين والأنوال الآلية وغيرها من أجهزة الثورة الصناعية الأولى في المملكة المتحدة. وكانت الاضطرابات شديدة على وجه الخصوص بعد انتهاء الحروب النابليونية في عام 1815، عندما انزلقت أوروبا في كساد، وشهد النساجون انخفاض أجورهم بمقدار الثلث وارتفعت أسعار المواد الغذائية ارتفاعًا كبيرًا بسبب التعريفات الجديدة المفروضة على الحبوب المستوردة.
واليوم، يؤدي العدد الهائل من القطاعات المتضررة إلى تفاقم هذه المخاوف. فقد شكلت الاضطرابات المرتبطة بالأتمتة بالفعل تهديدًا كبيرًا لعمال المستودعات والمصانع، لكن كثيرين آخرين في وظائف ذوي الياقات البيضاء قد يجدون أنفسهم بلا عمل أيضًا. ويشمل هؤلاء المحللين الماليين ومصوري الأشعة الذين تتضمن وظائفهم الكثير من التحليل الروتيني لأشكال معينة من البيانات. ويمكن الآن أداء العديد من هذه الوظائف بالكفاءة نفسها، إن لم يكن أكثر من ذلك، بواسطة الذكاء الاصطناعي AI. وتقول أيانا هوارد Ayanna Howard، الاختصاصية بعلم الروبوتيات من معهد جورجيا للتكنولوجيا Georgia Institute of Technology في أتلانتا: “هذه هي واحدة من المرات الأولى في التاريخ التي يتأثر فيها مزيج من وظائف ذوي الياقات البيضاء والزرقاء”.
وبغض النظر عمّن يتأثر، فإن الاتجاه يميل إلى أن يكون طريقًا باتجاه واحد. ويقول رافين جيسوثاسان Ravin Jesuthasan ذو النظرة المستقبلية: “عندما تكون الأتمتة هنا، فهي موجودة لتبقى في اقتصادات الروبوتيات، بمجرد الاستثمار مقدمًا، سواء كان ذلك بالدولار الصعب أم بالدولار اليسير لإعادة تدريب القوى العاملة وتغيير السلوك من العملاء، يكون الاستمرار بذلك أسهل كثيرًا”.
ويقول فراي إن الأمر ليس كله كئيبًا. “الشيء الوحيد الأسوأ من الأتمتة هو عدم وجود الأتمتة”. فقد كان العالم يسير على مسار طويل الأمد للتكنولوجيا التي تؤدي لنا مزيدا من العمل لسبب وجيه، كما يقول – فقد أتاحت زيادة الإنتاجية، وخفض التكاليف، وإمكانية التوسع الأكبر، والبيئات الأكثر أمانًا، والعمل الأكثر مرونة، وتحسين الاتصال، على سبيل المثال لا الحصر. ويقول فراي: “إذا نظرت إلى الوراء على مدى 200 عام الماضية، فلا شك في أن الناس أفضل حالًا اليوم، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى الأتمتة”.
ويقول آخرون إنه لا ينبغي لنا أن نبالغ في حجم أو سرعة هذا الانتقال الجديد، حتى ولو كان كوفيد -19 يعطي أسبابًا جديدة لدفع هذا الانتقال إلى الأمام. والأتمتة مكلفة: تحتاج الشركات إلى الحصول على الأموال اللازمة لشراء آلات وبرامج جديدة، فضلاً عن الوقت لإعادة تكوين أماكن العمل وإعادة تدريب العمال على استخدامها. ويقول جون إيتشيمندي John Etchemendy، من معهد ستانفورد للذكاء الاصطناعي المرتكز على الإنسان Stanford Institute for Human-Centered Artificial Intelligence في كاليفورنيا: “تحدث الأتمتة فقط عندما تكون التكنولوجيا جاهزة للتنفيذ…إذا لم تكن التكنولوجيا موجودة بعد، ولم تكن جاهزة بعد لتولي المهمة، فلن تؤدي الجائحة إلى تسريع ذلك”.
وتقول كيت دارلينغ Kate Darling، الاختصاصية بعلم الروبوتيات من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا Massachusetts Institute of Technology: “غالبًا ما يعتمد خوفنا على مفهومنا العلمي الخيالي عن الروبوتات التي تحل محلنا”. وتقول إن اقتناعنا بأننا “على أعتاب عمليات ضخمة لاستحواذ الروبوتات على الوظائف” سيكون بمثابة المبالغة في تقدير قدرة الروبوتات والذكاء الاصطناعي AI. “قد يسرع كوفيد-19 بعض الاستثمار، لكن ذلك سيحدث عبر فترة زمنية أطول مما يعتقد معظم الناس”.
ولا تزال العديد من المهام حساسة جدا أو معقدة بحيث لا يمكن تشغيلها آليًا، مثل تجميع هاتف ذكي أو تنظيف أزرار المصعد أو تسليم البريد. وبعض المهام الأخرى، مثل تأكيد التشخيص الطبي، لا يزال يتطلب رؤية بشرية وتفسيرًا، حتى ولو كان بإمكان الذكاء الاصطناعي AI أداء بعض الأعمال المجهدة. وهناك مهمات لا يمكن الاستغناء عنها كدفء اللمسة الإنسانية. ولا يزال معظم العالم بعيدًا عن تقبل المعالجين الآليين أو الممرضات، على سبيل المثال.
مع هذه الموجة من الابتكار، كما في السابق، فإن الوظائف الأكثر نضجًا للأتمتة هي الوظائف المتكررة والمملة. وبعد كل هذا هناك قلة من الناس ممن قد يتوسل للحصول على جدول بيانات لملئه أو صندوق آخر لحزمه. هنا، يمكن للتكنولوجيا إزالة الملل وتحرير الناس ليتمكنوا من أداء عمل أكثر فائدة. وفي كثير من الأحيان ينتهي بهم الأمر بالعمل في شراكة مع الآلات، و يمكن للخوارزميات أن تجتاز عددًا لا يحصى من المعاملات أو الصور الطبية وتكشف عن المشبوهة منها حتى يراجعها الشخص، على سبيل المثال.
إعادة تعريف العمل
يوافق جيمس بيسين James Bessen، الاختصاصي بعلم الاقتصاد من جامعة بوسطن Boston University في ماساتشوستس، على هذا التقييم. وما يحتمل أن نشهده ليس عددًا أقل من الوظائف عامة، بل وظائف مختلفة. ويقول: “لا يوجد دليل على أن الذكاء الاصطناعي AI سيؤدي إلى زيادة البطالة زيادة هائلة، لكن ستكون هناك زيادة في الإنتاج…الأتمتة قد تؤدي في الواقع إلى وظائف جديدة”. بالفعل، نشهد زيادة في الطلب على وظائف مشغلي الطائرات من دون طيار وعلماء البيانات Data scientists ومُشفِّرين Cptographers والمتخصصين بالتسويق الرقمي Digital marketing specialists والدعم الفني للفيديو ومنظمي الأحداث الافتراضية. ويقول هوارد، في المستقبل، سنحتاج إلى ميكانيكي روبوتات وموظفي خدمة عملاء قادرين على التعامل مع الناس “حتى لا يكونوا غاضبين من الروبوت بعد الآن”.
سيتطلب ذلك تدريبًا جديدًا. ويقول هوارد: “سيعاد تعريف الوظائف”. ويقترح العديد من الخبراء طريقة مؤكدة للتخفيف من الآثار الاقتصادية للأتمتة في حقبة ما بعد الفيروس التاجي: الاستثمار في التعليم، وإعادة التعليم تحديدًا. ويقول جيسوثاسان: “يتمثل جوهر الأمر بضمان أن أي شخص يمكنه المشاركة في تحسين المهارات وإعادة صقل أجزاء منها دوريا”، على عكس من الإصرار الحالي على الحصول على درجة علمية مدتها ثلاث أو أربع سنوات حيث يُتوقع بطريقة ما أن تكون ذا مغزى بعد ثلاثين سنة. أعتقد أن العالم قد ابتعد بسرعة كبيرة عن هذا النموذج القديم”.
وهذا يحتاج إلى أن يتبنى العاملون عقلية منفتحة للتعلم، ولكن يجب على الحكومات والشركات التدخل والمساعدة أيضًا من خلال تقديم دورات تعليم الكبار المدعومة وبرامج إعادة التدريب وأنواع التعلم الأخرى لمساعدة الأشخاص على إجراء التحولات اللازمة. وكل هذا يجب أن يكون جزءًا من أي مخطط للتعافي بعد كوفيد -19. ويقول جيسوثاسان: “بخلاف ذلك، فإذا تُرك الأمر لقوى السوق فقط؛ فسيتخلف الكثير من الأشخاص وراءهم”.
هناك تحديات أخرى سيتعين علينا مواجهتها مع تسارع الاتجاه نحو الأتمتة. تتمثل إحدى المشكلات الرئيسة بأن الذكاء الاصطناعي AI يميل إلى وراثة وتضخيم التحيزات الموجودة في البيانات المستخدمة لتدريبه – على سبيل المثال، ضد الأقليات العرقية أو مجموعات الدخل المنخفض. وهناك أسئلة حول الكيفية التي تصاغ بها القوانين حول الاستخدام المسؤول للآلات ذات الاستقلالية المتزايدة باستمرار، وإمكانية حدوث فجوة اجتماعية متزايدة بين أولئك الذين يستطيعون تحمل تكاليف التكنولوجيا ومَنْ لا يستطيعون.
وإيجاد الحلول يتطلب أن يكون لديك فراغ للتفكير في هذه الأشياء، وهذا صعب في خضم جائحة عالمية. ويقول هوارد: “ما زلنا في وضع ردة الفعل…التفكير فيما سيأتي بعد ذلك يتطلب منك التوقف مؤقتًا، والآن ليست لدينا هذه الكمالية حتى نتمكن من التوقف مؤقتًا”.
صحح الأمور، فعلى الرغم من ذلك، ويمكننا اغتنام الفرص التي توفرها التكنولوجيا الجديدة، بدلاً من أن يعوقنا الخوف. ومع استمرار تهديد كوفيد -19، قد تعيد أجهزة مثل الروبوت ” سنربيرست يو في” القاتلة للفيروسات تعريف وظائف معينة، ولكنها أيضًا تجعل الأمر أكثر أمانًا لنا للتواصل مع الآخرين.
كــــادر
أربع ثورات صناعية
ظهور الذكاء الاصطناعي والروبوتات المتقدمة هو جزء من مجموعة من التغييرات التي يراها البعضُ ثورةً صناعية رابعة شبيهة بالثورات الثلاث التي مرت بها الاقتصادات المتقدمة.
الثورة الصناعية الأولى:
الفحم والبخار
- بدأ نحو عام 1760
- تتميز بالمحرك البخاري وأول المصانع
- الاختراعات الرئيسة تشمل البواخر والسكك الحديدية، وانتشار الميكنة
- تحويل المجتمعات من زراعية إلى صناعية
الثورة الصناعية الثانية:
النفط والكهرباء
- 1860 وما بعده
- تتميز بالإنتاج الضخم وخط التجميع، وكذلك الصناعات الجديدة مثل
الكهرباء والصلب
- الاختراعات الرئيسة تشمل المصباح الكهربائي والهاتف والراديو والسيارات والطائرات
- زيادة الهجرة من الريف إلى الحواضر
الثورة الصناعية الثالثة:
الحوسبة
- ستينات القرن العشرين فصاعدًا
- تتميز بالإلكترونيات والأتمتة والرقمنة وانتشار استخدام أنظمة تكنولوجيا المعلومات
- الاختراعات الرئيسة تشمل أشباه الموصلات والحواسيب الشخصية والإنترنت والبريد الإلكتروني والتجارة الإلكترونية
- التحول من العالم المادي إلى عالم الإنترنت
الثورة الصناعية الرابعة:
التقنيات المتصلة
- ابتداء من الآن
- تتميز بالذكاء الاصطناعي والروبوتات والبيانات الضخمة والتكنولوجيا الذكية والتكنولوجيا الحيوية
- الاختراعات الرئيسة تشمل سلسلة الحمض النووي وتكنولوجيا كريسبر CRISPR وتكنولوجيا النانو وسلسلة الكتل (بلوك تشين) Blockchain والواقع الافتراضي وإنترنت الأشياء والحوسبة السحابية والحوسبة الكمية (كمومية) والمركبات ذاتية القيادة والطباعة ثلاثية الأبعاد
- استمرار التحول من العالم المادي إلى عالم الإنترنت